الخميس، 29 سبتمبر 2016

لهذه الأسباب يفشل الناس في البرمجة !

لهذه الأسباب يفشل الناس في البرمجة !

لهذه الأسباب يفشل الناس في البرمجة !

بسم الله الرحمان الرحيم
 اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم 






مضت سنين طوال و “شادي” يداعب لوحة المفاتيح ويعبث بالأكواد، بعزيمة متقدة لا تَفْتُرْ، وبهمة عالية لا تكل، كان يسعى إلى بلوغ قمة النجاح البرمجي دون أن يستبين ملامح هذا النجاح، كان يجري فقط نحو صورة هلامية رسمها في ذهنه يخلط فيها بين نبوغ دنيس ريتشي وثراء بيل غيتس، كان يسعى إلى أن يجمع بين هاتين الملكتين، عقل قوي يقهر الخوارزميات، وجيب ثري يحقق أسباب العيش الكريم.
كان مقبلا على هذا النجاح التجريدي إقبال الظامىء على الماء البارد في اليوم القائظ، فلا يرى دورة برمجية على اليوتيوب أو على غيره من المنصات التعليمية إلا وسارع إلى تحميلها وحفظها عنده، ولا يرى كتابا يستفز نهمه المعرفي إلا وانقض عليه انقضاض الليث الهصور على الغزال اللاغب.
حاسوبه الخاص مكتبة غنية بالمصادر، بينما عقله منشفة تبتل بالأكواد ثم تجف..
ينسخ السورس كود ويغير تصميم الواجهات بحثا عن إرضاء نفسه وإبهار أقرانه، فيبتسم في حبور وفخر وفي داخل قرارة نفسه يردد: تبا لي من غبي، ألهذا أنهكت عقلي وبدني؟
استمر به الحال حينا من الزمن حتى ضجر من وضعه، وكره أن يستمر في خداع نفسه، وآن له أن يصدع بما يختلجه من قلق لعل المحاسبة تفضح العيوب، فتنفرج الكروب.
توجه إلى كوخ حكيم البرمجة، طرق بابه بأدب ففتح له و أذن له بالدخول.
لم يمهل “شادي” الحكيم حتى يرجع إلى مجلسه، بل خاطبه بشدة:
ألم تقل لي أن البرمجة سهلة؟ ألم تردد على الدوام أنها مدرة للأرباح؟
للأسف صدقتك وقطعت زمنا ليس باليسير ماضيا على الخط الذي رسمته لي فما ظفرت بشيء مما كنت قد خططت له، انظر إلى الناس كيف صاروا مبرمجين أفذاذا، منهم من أنشأ مؤسسته الخاصة، منهم من ترقى في عمله، ومنهم من يعمل حرا وقتما يشاء وحسابه المصرفي يزخر بالدولارات، أكلهم سلكوا الخط الذي رسمته؟ لا أظن ذلك أبدا، لأنهم لو سلكوه لوجدتهم معي الآن ساخطين يصبون عليك جام غضبهم. تكلم يا حكيم فقد خابت أكوادي وضاع معها مرادي !
انظر إلى الناس كيف صاروا مبرمجين أفذاذا، منهم من أنشأ مؤسسته الخاصة، منهم من ترقى في عمله، ومنهم من يعمل حرا وقتما يشاء وحسابه المصرفي يزخر بالدولارات، أكلهم سلكوا الخط الذي رسمته؟ لا أظن ذلك أبدا، لأنهم لو سلكوه لوجدتهم معي الآن ساخطين يصبون عليك جام غضبهم. تكلم يا حكيم فقد خابت أكوادي وضاع معها مرادي !
ابتسم الحكيم بهدوء، ثم تخلل لحيته الطويلة البيضاء بأصابعه في برود و”شادي” أمامه تصطك فرائصه كالصريع.
رفع الحكيم رأسه و نظر في عيني شادي وقال له هامسا:
لعلك لم تفهم الدرس يا بني.
ثم واصل بعد أن غير نبرة صوته ليشد انتباه “شادي” إليه:
البرمجة عالم خاص يقع بين الفن والعلم، فَمَنْ ظَنَّهَا فَنًّا صِرْفًا أمضى عمره يُنَمِّقُ الأكواد ويُزَيِّنُ الواجهات فيتفاجأ حينما يَخيب مسعاه ليعود منها بمثل مايعود به دارس الرياضيات صاحب الخط الجميل والفهم العليل.
ومن ظَنَّهَا علما بَحْتًا أمضى سني عمره يضع المعادلات، ويصوغ المخططات فينصدم لما ينجلي السواد ليعود منها بمثل مايعود به دارس الرسم ذو الفهم السليم والذوق العقيم.
لا يستقيمان يا بني، البرمجة فن وعلم، وإنما أصابك ما أصابك من فشل وسقوط بسبب لزومك لست خصال، فإن أنت تخلصت منها كان بينك وبين هدفك شعرة، وإن أنت لازمتها فإنني أضمن لك أنك لو أنفقت عمرك ومعه مثله لما تحركت من موضعك قيد أنملة.
سكت شادي في اندهاش، ثم قطع صمته متسائلا:
وما تلك الخصال الستة يا حكيم؟
رفع الحكيم سبابته مشيرا وهو يقول:
أولا: العجلة

لقد رأيتك وأنت تنتقل من لغة إلى لغة مسرعا وفي عجلة من أمرك، فلا يكاد يهنأ لك بال مع لغة جافا حتى تقفز إلى لغة بايتون، ولا يكاد يستقيم حالك مع برمجة قواعد البيانات في سي شارب حتى تنط إلى برمجة الألعاب في سي بلس بلس، لم تستوعب فريموورك سامفوني فتركته مستهترا وتوجهت إلى لارافيل فأنت ملول عجول، تبرمج لتتباهى أمام الأقران فتتناهى كحطب الأفران، وتتعلم لتماري نفسك فتداري نقصك، أما بلغك أن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، أما وقد أدركت الآن أصل الخلل فاعزم على ترك العجلة في البرمجة فإنها مدعاة إلى الفشل.
ثانيا: كثرة الموارد
فلما نهجت للبرمجة نهج المستعجل، أكثرت من جمع الدورات والمحاضرات والدروس والكتب والمقالات، ولو سألتك الآن كم كتابا قرأت في البرمجة لأجبتني أنك لم تكمل كتابا واحدا، ولو سألتك كم دورة برمجية تابعتها من بدايتها حتى نهايتها ودونت ماجاء فيها من معلومات نظرية وأنجزت ما ورد فيها من تطبيقات وأمثلة وتوسعت فيها بالبحث والتنقيب لكان جوابك صفرا، لأنك تفتح المحاضرة وتمرر شريط القراءة لتسمع فقط ما تحب سماعه وما يغص به حلقك من معلومات مهمة تتجاهلها أو ترجئها إلى حين فتحرم نفسك من خير كثير لو صبرت عليه لبلغت ما تصبو إليه، تريد مثالا: تدرس لغة سي شارب وتشاهد فقط دروس برمجة الواجهات وتهرب من المفوضات Delegates و تقنية Linq وتعدد المسارات Multi-Threading هروب السليم من الأجرب، ولو أدركت مافي هذه المفاهيم – وغيرها مما تهرب منه – من الخير لعضضت عليها بالنواجذ.
قم بحذف جميع الكتب والدوارت والموارد المعرفية من حاسوبك واحتفظ بمصدر واحد فقط لأن الوفرة تدفع إلى الانتقائية، والانتقائية تدفع إلى المماطلة.
ثالثا: غياب الخطة والرؤية الواضحة
لعل غياب التخطيط يعد من أعظم أسباب الفشل في البرمجة، لما له من أثر سريع على أداء المبرمج، لأن غياب التخطيط يعني عدم الجدية في العمل، فكيف تكون جادا في تعلم جافا وأنت لم تخصص لها وقتا؟ بل كيف تكون جادا في برمجة ألعاب الأندرويد وأنت لم تضع مخططا يوضح لك من أين تبدأ وإلى أين تنتهي؟ وقياسا على قول المفكر الأمريكي بنيامين فرانكلين: “إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل” يمكننا القول: “إذا غاب عنك التخطيط فقد غاب عنك النجاح”.
اكتب أهدافك دائما، وقم بالتخطيط لكل هدف عبر كتابة الخطوات المفضية إليه لكي تتضح الرؤية وإلا فإنك ستبقى تضحك على نفسك.
رابعا: السعي إلى الربح السريع
قد تلتزم بالأناة في التعلم، وقد تحتفظ بمصدر معرفي مكتمل، وقد تضع مخططا سليما يشمل مختلف خطوات بلوغ الهدف الذي حددته، لكن بمجرد ما تفتح صفحتك على الفيسبوك تطالعك صورة أمين رغيب وهو يتوشح وساما من حاكم دبي أو صورة لسيمو لايف وهو ينشر شيكا وصله من كليك بانك قيمته آلاف الدولارات أو غيرهم، حتى تختل موازينك وترمي ما كان في يدك وتركض إلى غير هدف وتنسى كل ما عاهدت نفسك بملازمته لأن الطيش يجري فيك مجرى الدم في عروقك، فتبدأ بالبحث عن كيفية الربح من التسويق الالكتروني ثم تدخل في دوامة جديدة لن تخرج منها بطائل ولو أنك تمهلت قليلا وواصلت سيرك لتفوقت على كل من تراهم قد بلغوا ذروة النجاح، ولكنه الطيش يأبى إلا أن يلازم صاحبه حتى يحيله إلى فاشل محبط.
خامسا: النقاشات الجانبية
لا تشغل بالك بالنقاشات الجانبية التي لن تضفي إلى صرحك المعرفي لبنة واحدة، ركز في هدفك وثق في الأدوات التي تستخدمها ولا تدافع عنها بعصبية أمام خصومها لأنك لن تقنعهم بأي حال من الأحوال، فهم أيضا متعصبون إلى أدواتهم ويرونها أبهى من ضفائر بثينة.
إن كنت تبرمج بلغة سي شارب فلا تنتقص لغة جافا، لأن ذلك سفاهة منك و سوء تقدير بل تصرف صبياني سيفتح عليك باب الويلات، خلاص أنت مقتنع بلغتك؟ طيب واصل سيرك ولا تلتفت إلى أي نقاش جانبي لأن ذلك من خوارم المروءة قبل أن يكون من خوارم البرمجة.
سادسا: التقليد
في درب النجاح لا مكان للنسخ المكررة، إما أن تكون نفسك أو تترك سبيل النجاح وتنهج سبيل المقلدة الذين لن يضيفوا شيئا جديدا، وأقصى ما يستطيعون تقديمه لن يتجاوز بأي حال من الأحوال سقف ما قدمه من سبقوهم، لأن التقليد يقتل الإبداع، وإذا مات فيك الإبداع فلا تفكر في النجاح أبدا.
وفي الأخير كنصيحة اعتبرها من أخ يريد لك الخير استفد من الكل ولا تقلد أحدا، حتى يجتمع فيك ما تفرق في غيرك.
إذا إستفت شارك الدرس مع أصدقائك وذلك بالنقر على الأيقونات الظاهرة أسفل التدوينة و إلى اللقاء في تدوينة أخرى 
سبحانك اللهم و بحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك و نتوب إليك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ل الإعلام الألي 2016
تصميم و تكويد : Geek